البيئة إناء يُشكّل النّاس إلى شتى الشاكلات. فالبيئة التعليمية تستطيع أن تجعل السكان فيها متعلّمين يحبون العلم والتعلّم والبحث. والبيئة اللغوية العربية تجعل السكان فيها يتكلمون العربية والبيئة الفنّية تجعل الإنسان تجعل السكان فيها فنانا وغيرها. ومن هنا أن دور البيئة لتكوين الناس إلى مجال معيّن مهم وكبير. ولذلك إذا أراد الناس أن يصبح إنسانا فنانا بقي له أن يذهب إلى البيئة الفنية ويشترك فيها ويتعامل مع الفنان الآخرين. وهذه البيئة التي تتركز على الفنون بإندونسيا أشرفها مجلس الفنون الإندونسية. وكذلك إذا أراد الناس أن يجيدوا اللغة العربية فعليهم الذهاب إلى البيئة التي تكلم سكانها العربية الناطقون بها مثل بلاد عربية في الشرق الأوسط.
وإذا مااستطاع أن يذهبوا إلى بلاد عربية في الشرق الأوسط لقلة التكلفة السفرية فيذهبون إلى البيئة الأخرى التي فيها غير الناطقين بالعربية ولكنهم يتكلمون العربية يومياتهم مثل المعهد الحديث الذي كان الطلبة الذين يسكنون فيه يتكلمون العربية مع أنهم إندونسيون غير الناطقين بالعربية. فهذه البيئة على النوع الثاني سهل للوصول إليها ولكنها لاتشبه البيئة العربية الأصلية. والبيئة اللغوية الثانية هذه تسمى بالبيئة المصطنعة. وأما البيئة اللغوية العربية على النوع الأول بيئة طبيعية أصلية كُوّنت منذ سنوات ماضية قديمة. وأكثر رؤساء العرب يقررون أن اللغة العربية تكون لغة مشتركة بين العرب في جزيرة العرب.
فإذن أن البيئة اللغوية الأصلية أو المصطنعة ظهرت بسبب القرار من متخذي القرار في المحل الذي يعيش فيه صاحب القرار. ولذلك أصبح تكوين البيئة متعلق بالقرار المحلي والعالمي. فالبيئة العربية في المعهد الحديث ينطلق من قرار مدير المعهد وكذلك البيئة العربية في الجامعة تنطلق من قرار مدير الجامعة. وكذلك هيمنة اللغة المعيّنة في بلدة ما تنطلق من قرار رئيس البلدة. فاللغة الإندونسية تستخدم كلغة وطنية بإندونسيا بسبب قرار رئيس الجمهورية الإندونسية الذي يفرض على ذلك. واعتمادا على هذه البيانات أن تكوين البيئة اللغوية في مكان ما ينبني على قرار الرؤساء فيه. وإذا أرادوا أن يكوّنوا البيئة اللغوية عربية كانت أم إنجلية فتصير البيئة بيئة لغوية وإذا ما أرادوا لن تكون البيئة اللغوية العربية قائمة.فقرار المدير أو الرئيس في تكوين البيئة اللغوية لابد أن يعتمد على تزكية وحث العلماء المتأهل في مجال تكوين البيئة. وعلى سبيل المثال أن تكوين بيئة اللغة العربية في معهد أو جامعة يحتاج المدير إلى الاستشار إلى علماء اللغة والبيئة. فينبغي على المدير أن يوظف علماء اللغة تحليل المشكلات التي تعوق تكوين البيئة العربية. فتكوين البيئة العربية في الجامعة أصعب من تكوين البيئة في المعهد، لأن أكثر الطلبة الذين يريدون الدراسة في المعهد الإسلامي لديهم رغبة قوية في تعلم اللغة العربية. وأما الطلبة الذين يدرسون في الجامعة فخلفياتهم متنوعة. بعضهم من المعاهد الإسلامية وبعضهم من المدارس الحرافية والعامة الذين لم يسبقوا تعلم اللغة العربية.
ولمواجهة تنوع خلفيات الطلبة في الجامعة ينبغي على المدير أن يتخذ القرار التدرجي في تكوين البيئة اللغوية. صحيح أن مدير الجامعة أو مدير المعهد لديه سلطة في إجبار جميع الطلبة أن يتكلموا العربية طوعا أو كرها، لكن الطلبة في الجامعة يختلفون عن الطلبة في المعهد الإسلامي في خلفياتهم. فالطلبة في الجامعة أكثر شجاعة وانتقادا من الطلبة في المعهد الإسلامي في إقامة المظاهرة حينما يجدون القرار من الجامعة غير المناسب برغباتهم. ولكن الطلبة في المعهد الإسلامي يميلون إلى كلمة سمعا وطاعة للمدير والمشايخ. ولذلك لو أجبر مدير المعهد الإسلامي طلبتهم التكلم بالعربية في المعهد لن توجد المشكلات. ولكن لو أجبر مدير الجامعة على جميع طلبته التكلم بالعربية في يومياتهم فيمكن أن تحدث المظاهرة لمقاومة قرار مديرهم. ولذلك القرار المناسب لتكوين البيئة اللغوية في الجامعة قرار تدرجي يجعل مجتمع الجامعة يتكلمون العربية والإنجلزية دون قهر وإجبار. والله أعلم

Comments are disabled.