من واجبات المعلمين في الجامعات أن يعملوا البحوث العلمية وأن يؤلفوا كتبا كثيرة. ولاسيما إذا كان المعلّم أستاذا أو بروفيسورا ومن وظيفته أن يؤلف كتابا واحدا في كل ثلاث سنوات وأن يكتب المقالة العلمية في الدوريات الدولية والمحلية مرتين في كل سنة. فالكتابة العلمية في الدوريات والبحث العلمي وتأليف الكتاب كلها يستطيع أن يرَقّي مناصب المعلمين التعليمية. فأغلبية المعلمين يفشلون في الارتقاء إلى منصب أعلى ولا يستطيع أن يرتقي إلى منصب بروفيسور لأنهم عجزوا في الكتابة حتى تكون كتبهم وتأليفاتهم قليلة. وإذا كانت كتابتهم قليلة لاتكفي لأن تُقدّم لنيل درجة بروفيسور.
فإن الكتابة مهارة مثل مهارات لغوية أخرى يمكن أن يدرّبها كل شخص لإجادتها. فمثل مهارة الكتابة كمثل مهارة قيادة الدراجة النارية. فالسائق المبتدئ حينما يسوق الدبابة في الطريق يمشي بطيئا جدا منتبها ومتمهلا حتى لايقع ولايضرب أي مركبة أخرى أمامها. وهو في أول تعلمه في الركوب مرتاب هل سيستطيع القيادة أم لا ؟ وهل سيقع أم لا ؟ وفي تلك الحالة يحتاج السائق الدافعية القوية من خارج نفسها حتى يتأكد أنه يستطيع أن يقود تلك الدراجة. وبعد أن يتأكد من قيادة الدراجة فيجب عليه أن يجعل واحدا من أصحابه أو إخوته الماهرين في القيادة أن يوجهوه ويرشدو التعليمات.
وبعد أن يفهم المتعلّم النظريات في ركوب الدبابة فهما تاما لابد منه أن يجربها. وأما الخطوة الأولى من خطوات ركوب الدبابة فهي تدوير المفتاح حتى تشتغل ماكينة الدراجة. ومن ثم فيمكنه أن يمشي مع الإرشادات والتوجيهات. وفي اليوم الثاني كذلك أن يعمل مثل مافعله في اليوم الأول وكذلك أن يعمل نفس العمل في اليوم الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع ومابعده. هذه التدريبات يعملها روتينيا مستمرا حتى يكون سائقا ماهرا ممتازا. وبعد أن يجيد القيادة فهو لن يقود الدبابة مثل قيادة المبتدئ الذي يمشي بطيئا وإنما هو يستطيع أن يتصنع في قيادته من القيادة باليد الواحدة والسير على السرعة ورفع الإطار الأمامي وغيرها.
وظاهرة الكتابة مثل ظاهرة من تعلّم قيادة الدبابة، كلما كان السائق كثيرا في ركوب الدبابة كلما تزداد مهارته في القيادة. وأما الكتابة فهي ليست مهارة جسمية فحسب وإنما تحتاج إلى تنظيم وترتيب الفكر. ربما في أول مرة شعر الكاتب المبتدئ الصعوبة في بداية الكتابة. وهو يتحير من أين سيبدأ كتابته وماالموضوع المناسب للكتابة. وحينما يبدأ الكتابة ووصل إلى سطرين أو ثلاثة سطور لايستطيع أن يواصل فكرته وكأنه يجد السد في تفكيره.وفي تلك الحالة لابد أن يعي أنه مازال المبتدئ وكل المبتدئ لن يكون ماهرا مباشرة.
هو لابد أن يستشعر بأنه حينما تعلّم ركوب الدّراجة في أول مرة، لم يعرف كيف طريقة القيادة ولم يعرف ماذا سيفعل بالدراجة أمامه. وحينما يستشعر ذلك سيعي أنّ تعلم الكتابة مثل تعلم ركوب الدراجة. فكلاهما مهارتان حيث لايجيدهما أي شخص إجادة إلا بكثرة التدريب والممارسة. فالإنسان حينما يدرب نفسه بالكتابة روتينيا ستكون كتابته جيدة.

Comments are disabled.