تعرض الفلاسفة اليونانيون من قديم الزمان في بحوثهم ومناقشاتهم لموضوعات تعد من صميم علم الدلالة، ومعنى هذا أن الدراسة الدلالية قديمة قدم التفكير الإنساني ومواكبة لتقدمه وتطوره.
ولم تتبلور فكرة الحقول الدلالية إلا في العشرينات والثلاثينات من هذا القرن على أيدي علماء سويسريين وألمان. ثم قادت نظرية الحقول أو المجالات إلى التفكير في عمل معجم كامل يضم كافة الحقول الموجودة في اللغة.
والحقل الدلالي (Lyons) أو الحقل المعجمي (Lexical Field) هو مجموعة من الكلمات ترتبط دلالتها وتوضع عادة تحت لفظ عام يجمعها، يقول ليون (Lyons) : هو مجموعة جزئية لمفردات اللغة. وفي فهم معنى الكلمة فهم مجموعة الكلمات المتصلة بها دلاليا، إذن معنى الكلمة محصلة علاقة بالكلمات الأخرى في داخل الحقل المعجمي.
تعد علاقة الإشتمال أهم العلاقات في السيمانتيك التركيبي. والإشتمال يختلف عن الترادف في أنه تضمن من طرف واحد. يكون (أ) مشتملا على (ب) حين يكون (ج) أعلى في التقسيم التصنيفي او التفريعي, مثل ” فرس” ينتمي الى فصيلة أعلى “حيوان”. وعلى هذا فمعنى ” فرس” يتضمن معنى “حيوان”
واللفظ المتضمن في هذا التقسيم يسمى اللفظ الأعم، والكلمة الرئيسية، والكلمة الغطاء، واللكسيم الرئيسي، والكلمة المتضمنة، والمصنف
أما علاقة الجزء بالكل فمثل علاقة اليد بالجسم, والعجلة بالسيارة. والفرق بين هذه العلاقة وعلاقة الإشتمال أو التضمن واضح. فاليد ليست نوعا من الجسم, ولكنها جزء منه. بخلاف الإنسان الذي هو نوع من الحيوان وليس جزءا منه.
أما التنافر فمرتبط كذلك بفكرة النفي مثل التضاد. ويتحقق داخل الحقل الدلالي إذا كان (أ) لايشتمل على (ب), و(ب) لايشتمل على (أ). وبعبارة أخرى هو عدم التضمن من طرفين, وذلك مثل العلاقة بين خروف وفرس وقط وكلب، وكذلك أي كلمة يكون لفظ “كلب” أو “قط” أو ” فرس” أو “خروف” كلمة الغطاء لها متنافرة مع الباقيات.
يدرس علم اللغة ظواهر الإشتراك اللفظي والترادف والتضاد في إطار نظري واحد يطلق عليه علم اللغة “نظرية العلاقات الدلالية” وهي نظرية حديثة في ميدان الدراسات اللغوية, تتصل بتعدد دلالة الكلمة وغموضها, كما تعد هذه النظرية جزءا من منهج علمي أشمل وأسع في دراسة علم الدلالة, وهو ما يطلق عليه “علم الدلالة البنيوي”
وعرف العلماء بأن المشترك اللفظي اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفتين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة، مثل كلمة operation التي تستعمل للدلالة على الخطة العسكرية وعلى العملية الجراحية وعلى الصفقة المالية ويسمى هذا النوع بوليزمي polysemy (كلمة واحدة – معنى متعدد)، وكلمة sea بمعنى بحر و see بمعنى يرى (لايهم اختلاف الهجاء). ويسمى هذا النوع هومونيمي homonymy (كلمات متعددة – معان متعددة).
والله أعلم

Comments are disabled.